ثقافة جديدة
ويقول الدكتور أحمد المجدوب أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية: لقد زاد العنف الأسري بصورة مبالغ فيها في مجتمعاتنا العربية، والدراسات والإحصاءات تؤكد مدى خطورتها على المستقبل العربي فالعنف الأسري يصل إلى حد القتل أحيانا لأتفه الأسباب مثل الوالدين اللذين قتلا ابنهما بسبب التبول اللاإرادي والأب الذي قتل طفلته بسبب بكائها المستمر. وتعكس تلك الحوادث المناخ الاجتماعي المتوتر الذي يسيطر على المجتمع العربي بسبب الضغوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتدفع الفرد للغضب والإقدام على العنف بدرجة تصل إلى حد ارتكاب الجرائم. ومن أكثر الأسباب التي تدعو إلى تفشي هذه الظاهرة الازدحام الذي يعاني منه العديد من مجتمعاتنا إلى حد الاختناق بالإضافة إلى ظهور أنماط ثقافية جديدة ساهمت في تعميق مشاعر التباعد بين أفراد الأسرة.
ويضيف: يجب أن ندرك أيضا أن هناك علاقة بين تصاعد وتيرة التدهور الأخلاقي في أوساط مجتمعاتنا العربية وبين تصاعد حدة العنف الأسري، بالإضافة إلى تفشي مشكلة الأمية الثقافية والدينية وتعاطي المخدرات والمسكرات وتفشي البطالة وغيرها من المظاهر التي تؤدي إلى مزيد من الضغوط على كل أفراد الأسرة وبدلا من أن يسود الوئام والحب يصبح كل فرد متحفزا للآخرين، وعلى استعداد للانفجار في وجوههم لأتفه الأسباب، والأمية الدينية تساهم أيضا في أن يلغي كل فرد من أفراد الأسرة الدور المنوط به القيام به من أجل الاستقرار وهناك محاولات للتخريب تتعرض لها الأسرة العربية، يحاول البعض ترسيخ مفاهيم مغلوطة في ذهن المرأة بأن المساواة تعني أن تهجر بيتها ورسالتها السامية ولأن العمل فقط هو ما يكون خارج المنزل لتعتقد أن عملها أمر استراتيجي تتحقق به مشاركتها الاجتماعية في الحياة كما تؤدي الأمية الدينية بالرجل إلى أن يفهم حقيقة القوامة بصورة خاطئة فنجده يثور لأتفه الأسباب وقد يتعدى الأمر إلى الضرب والعنف ضد أسرته كلها وكل هذا يؤدي إلى ترسيخ العنف كأبرز أساليب التفاهم داخل الأسرة في ظل غياب التربية الإسلامية الصحيحة ويترتب على ذلك كله الاضطراب في حياة الأسرة وتقويض مقوماتها ودعائمها وإضعاف روح الترابط العائلي.
والحقيقة فإن مشكلة العنف الأسري ترتبط أيضا بالعديد من العوامل والمتغيرات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية ولهذا فإن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب تضافر المؤسسات التربوية والدينية وحتى المؤسسة الطبية من أجل إبراز سلبيات الظاهرة وإيجاد سبل علاجها من الناحية الدينية والتربوية والطبية، ويجب أن تدرك كل هذه المؤسسات أن آثار العنف الأسري سلبية لا تنعكس على الأسرة المسلمة وحدها فقط بل ستطال المجتمع كله على حد سواء.