أخلاقيات الطب والطبيب

الحمد الله رب العالمين.. حمد عباده الشاكرين الذاكرين،

وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأن سيدنا محمدًا عبده ورسوله..

اللهم صلِّ وسلم وبارك عليك سيدي يا رسول الله، صلاة وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين .. ثم أما بعد ..

أحبتي في الله أحييك بتحية الإسلام .. فسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

تحدثنا في الحلقة السابقة عن بعض من أخلاقيات الطبيب المسلم والطبيبة المسلمة، وكما قلنا من قبل في حلقات أخلاقيات المعلم أننا كما نطالب صاحب المهنة بأخلاقيات معينة، يجب أن نطالب أيضًا المسئول عنه أن يوفر له شيئًا يعينه على تأدية مهمته، بمعنى أنه أنا أرى الإنسان لا يستطيع أن يعمل منفردًا، وقضية مجموعات العمل هذه اقتنع بها الآخر فتقدم، يعني الباحث حوله مجموعة من صغار الباحثين يمدونه ويعينونه، الطبيب المعروف والأستاذ في مهنته معه مساعدون في تخصصات مختلفة يعيننه، ويقدمون له الأمور هذه من إحصائيات إلى آخر الأبحاث إلى آخر مثلا العمليات الجراحية التي تمت في تخصصه، كل هذا يعطي خلفية؛ لأن كارثتنا كبيرة أن بعض من أبنائنا الأطباء بعدما يتخرج من كلية الطب ثم يحصل على مثلا إجازة الدكتوراة، ويترقى ثم يكتفي بعد ذلك، ولا يحضر لا مؤتمرات، ولا يتابع الأبحاث، ويظن أن العلم قد توقف عند هذا الحد، أو يُشغل بالدخل، والبحث عن مسكن معين أو وسائل حياة معينة له ولأبنائه، عندئذ سبحان الله العظيم! يُشغل ما بين الجامعة في الصباح، والمستشفى في الظهيرة، والعيادة الخاصة بالليل، وتصير حياته هكذا دواما لا وقت عنده للبحث، والاستقصاء، وتحري آخر ما وصل إليه العلم الحديث في قضايا الطب، والعالم متغير، والأبحاث متطورة، والناس تتقدم ولا تتوقف الحياة أبدًا.

أنا حقيقة الأمر كما أطالب الطبيب بخلق معين وبأخلاقيات معينة، أنا سوف أذكر بعض الإحصائيات في مجال الطب ما بيننا وعند الآخر، أو عندنا وعند الآخر، وسنرى إلى ماذا وصلنا وإلى أي مستوى نحن.

نضرب بعض الأمثلة للإحصائيات لنرى كم نظلم أحيانا كثيرة أبناءنا من الأطباء والطبيبات المتخصصين في مجال الطب، عدد العاملين في مجال الطب مثلا نأخذ أربعة قطاعات، نأخذ مصر كدولة كبيرة ولها باع كبير، والإمارات العربية المتحدة وهذه هي الموجودة في إحصائيات الأمم المتحدة، هذا ما حصلنا عليه من إحصائيات رسمية من الأمم المتحدة، ونقارن أيضًا بيننا كدول عربية مصر، والإمارات، وأمريكا مثلا ثم الكيان الصهيوني، وكيف وصل به الحال ..

عدد الأطباء في مصر 38500 طبيب، يعني لكل ألفين إنسان مصري لهم طبيب واحد، إذا ذهبت إلى الإمارات العربية المتحدة تجد طبيبن لكل ألف، لو ذهبت إلى الكيان الصهيوني، تجد أمرًا عجيبًا أنه لكل ألف أربعة أطباء، أما الولايات المتحدة كل ألف له 2.5 طبيب .. فبالله عليك أنا لما يكون عندي كل ألفين إنسان لهم طبيب، والمرض أصبح كثيرًا، فكيف أطالب أنا الطبيب .. أنا لا أقول له اتق له وهذا لابد طبعا، ولابد أن ننصح بعضنا بعضًا، وأن نتقي الله في عملنا فهذا أمر، ولكن أيضًا لابد أن نعطيه بعض الصلاحيات.

عدد الممرضات في مصر مثلا 144 ألف ممرضة، كل ألف مريض لهم ممرضتان، في الإمارات العربية المتحدة كل ألف لهم 4 ممرضات، يعني ضعف العدد، في الكيان الصهيوني لكل ألف 6 ممرضات، في أمريكا لكل ألف 10 ممرضات يعني كل مائة مريض له ممرضة متخصصة.

تعالى إلى عدد القابلات المولدات الرسميات، في مصر عبارة عن 1777 قابلة، تسمى الداية في بعض البلاد في مصر، كل 100 ألف إنسان لهم قابلتين، في الكيان الصهيوني لكل ألف قابلتين، إذا ذهبنا إلى أبنائنا من أطباء وطبيبات الأسنان، يعني سوف يتعجب بعض المشاهدين والمشاهدات لماذا نحى الشيخ هذا المنحى في قضية الإحصائيات وقضية هذه الأرقام، أنا كما أريد أن أكون منصفا أن الله سوف يحاسبني يوم القيامة على الكلمة.. فأنا أطالب الطبيب بأن يكون صاحب خلق، وصاحب دين، ويتقي الله ولا يكون جشعًا، ويكون متواضعًا، ويكون باشًا هاشًا، فإذا كان لكل ألفين إنسان طبيب، ويجب أن يكون هاشًا وباشًا، نحن مثلا إذا جئنا بسائق مثلا لا ينام طوال النهار، والليل، ونقول له: اذهب كذا، واحضر كذا.. فكيف يركز هذا في أداب الطريق، وفي نفس الوقت أطالبه ألا يتعدى الخط، ولا يكسر إشارة، ويجب أن يحترم أداب المرور، وهذا شيء جميل ويجب أن أطالبه بهذا، ولكن يجب أيضا ألا أكلفه أن يعمل 20 ساعة جالس على مقبض السيارة ثم أطالبه باليقظة وهو إنسان ينقل أرواح ذهابًا، وإيابًا ما بين المدن، والمحافظات ثم أطالبه بأن يكون يقظًا، وأن يكون منتبهًا، وأن يحافظ على آداب الطريق ولا يتعدى غيره، فلابد أن نطالب بهذا وذاك.

فأنا موضوع الإحصائيات هذه لتنبه الغافل؛ لأن العلماء يجب أن يكونوا أمناء على عقول الأمة؛ لأنهم أمناء على وحي الله سبحانه وتعالى، فيجب أن لا ينفصلوا عن واقع الأمة وهذا واقعنا الذي نعيشه.

تعالى إلى أطباء الأسنان مثلا، تجد دولة كمصر فيها كل مائة ألف إنسان لهم عشرة أطباء أسنان .. في الإمارات العربية المتحدة لكل 10 آلاف ثلاثة من أطباء الأسنان، في أمريكا لكل ألف طبيب ونصف، يعني كل ألفين لهم ثلاثة أطباء، في الكيان الصهيوني لكل ألف له طبيب، يعني مصر كل عشرة آلاف لهم طبيب أسنان، ونحن ننسى أيضًا سنة السواك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وهذه سنَّة عظيمة؛ لأن الصلاة بالسواك أفضل من صلاة بغير سواك، والسواك طبعا عملت فيه أبحاث كثيرة، مادة البكتين التي فيه وأنا لا أتحدث هنا عن قضية الإعجاز، ولكن الكل يعلم أكثر مني فائدة السواك "لولا أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"..

فقضية السواك هذه قد ننساها.. لكن أنا للأسف الشديد بعض من الإخوة المصلين أحيانًا يأتي بجوارك في الصلاة وليس معه السواك في جيبه ثم يضع أصبعه هكذا في فمه ثم يصافحك، يا أخي لا والله أنا لا أرى .. ما أدري أن هذه سنة، أنا أشك أن تكون هذه سنة هكذا، يا أخي السواك هذا من شجر الآراك وهو سبحان الله! يجب أن يكون لينًا، طازجًا، تظهر منه هذه الرائحة الطيبة التي تطهر الفم وتطهر الأسنان، "مالكم تدخلون علي كلحا" أي صفر الأسنان، استاكوا .. هكذا قال -صلى الله عليه وسلم- فيه بعض الناس لايهتم بمثل هذه الأمور، مع أنه يفتر فمك عن أسنان بيضاء نظيفة، وهذه سنة جميلة من لا يستطيع أن يكون عنده معاجين الأسنان، أو فرش الأسنان فهذه سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قضية السواك عند كل صلاة.

فرأينا أن أطباء الأسنان كل مائة ألف لهم 10 أطباء أسنان، كل ألف أمريكي لهم طبيب ونصف أو كل ألفين لهم ثلاثة أطباء، الكيان الصهيوني كل ألف له طبيب أسنان .. فإذا ذهبنا ونحن ما زلنا نتحدث في عالم الطب، كيف ننهض بالأمة من خلال هذا البرنامج، أخلاقنا في الميزان ..

تعال إلى موضوع آخر وإن كنت سوف أرجؤه بعد الفاصل وهو نسبة الصيادلة إلى الموجودين في بلادنا العربية والبلاد الأخرى، نسبة الإنفاق من الدخل القومي على العملية الطبية كلها، العملية الصحية، وزارة الصحة والمستشفيات والقطاع الصحي والطبي، عدد الأسرَّة في المستشفيات عندنا وعند الآخر ..

أيضًا هذه مهمة قضية دخل الفرد العامل في مجال الطب، إن كان طبيب أو ممرض أو ممرضة أو صيدلي أو طبيب أسنان أو غيره .. هذه سوف نكملها بعد الفاصل .. كوني معي لنتحدث عن أخلاقيات الطب .. أهلا بكم.

***********************************

مرحبًا بكم أحبتي في الله مرة أخرى، ونحن نتحدث في هذا البرنامج أخلاقنا في الميزان عن أخلاقيات الطب والطبيب، وقلنا كما أنه يعني نطالب الطبيب والطبيبة والممرض والممرضة والقابلة أن يتخلقوا بأخلاق معينة، ونطالبهم بسلوكيات محددة، يجب أن نعينهم على إيجاد ظروف مناسبة، وملائمة لإعانتهم على تأدية مهماتهم.. يعني يجب أن نراعي مسألة تزويد المستشفيات مثلا بالأجهزة المعينة والأدوية المعينة، والأثاثات المعينة لكي الطبيب لا يكون مشغولا بقضية تجهيز هذه الأمور، وتكون مسألته أن يشخص المرض ثم تتابع الممرضة إعطاء الدوائي، ثم الصيدلي هو الذي يمده بالدواء، وهكذا عملية متكافئة.

وعدناكم قبل الموجز بإحصائيات عن عدد الصيادلة في بلادنا، وعند الآخر أيضًا سبحان الله! فمثلا تجد أن عدد الصيادلة في بلد كمصر كل عشرة آلاف مصري لهم صيدلي واحد، في الإمارات العربية كل عشرة آلاف لهم اثنان من الصيادلة، في الكيان الصهيوني كل عشرة آلاف لهم 7 صيادلة أما في أمريكا كل عشرة آلاف لهم 9 من الصيادلة .. انظر إلى النسب .. لابد أن هذه هي معايير نظرة العالم إلينا.

ولذلك لما يأتي العالم، ويسخر منا أو ينظر إلينا نظرة معينة ونحن نستهجن هذه النظرة، ونقول لماذا يصنعون معنا هذا؟
لأنه يقدر مقدراته، ويضع أساسيته بناء على ما تقدر أنت به التخصصات، والحالة الطبية الحالة الصحية الحالة التعليمية الحالة الصناعية الناتج القومي إلى مثل هذه الأمور.

تعال إلى عدد الأسرة في المستشفيات، لكل عشرة آلاف شخص في مصر لهم 22 سرير، هذه إحصائيات موثقة من الأمم المتحدة، ونحن لا نجلد ذاتنا، نحن ننقد ذاتنا، نحن نريد أن نصحح نريد أن ننبه نريد أن نعين أبنائنا الأطباء على فعل الخير، وسلوكيات الإسلام، 22 سرير لكل عشرة ألاف مواطن مصري.

كذلك في الإمارات نفس النسبة، في الكيان الصهيوني 66 سرير لكل عشرة آلاف، في أمريكا 33 سرير لكل عشرة آلاف .. فأنا أرجو أن يكون مع المشاهدين والمشاهدات ورقة وقلم ويدرس، فنحن نريد أن ننهض بأمتنا، نريد مشروع نهضوي كبير يقوم به كل إنسان منا على قدر ما يستطيع.

أنا أدرك تماما أن المسئولين في وزارات الصحة الآن يستمعون إليّ وكلهم إخلاص لبلادهم، في كل البلاد العربية والإسلامية، فنحن نسأل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ..

تعال إلى نسبة الإنفاق بالنسبة للدخل القومي، النسبة على مسألة الصحة والطب والمستشفيات والصيدلة والطب وإلى آخره، تجد أن بلد كمصر تنفق 6% من دخلها القومي على الحالات الصحية، أمريكا 15.5% من ناتجها القومي على الصحة والطب، الكيان الصهيوني، 9%، أيضا عندما تنظر إلى دخل الفرد العامل في مجال الطب سواء طبيب او صيدلي او ممرضة أو قابلة تعمل في هذا القطاع الدخل السنوي في مصر مثلا 4440 دولار، يعني حوالي 370 دولار في الشهر، في الإمارات العربية المتحدة شيء طيب حقيقة حوالي 24 ألف دولار سنويا على الفرد متوسط دخل الفرد اللي يعمل في مجال الطب، في الكيان الصهيوني 25 ألف دولار.. في الولايات المتحدة الأمريكية 41 ألف دولار .. الدخل السنوي للذي يعمل في مجال الطب أو الصحة أو الصيدلة ..

ما مردود هذا الكلام؟

مردود هذا الكلام خطير في أن أنا إن أرحت العامل في مجال الطب، طبيبًا كان أو طبيبة، ممرضًا كان أم ممرضة أو قابلة أو صيدلي يعني أنا عندئذ أرى عندما يزداد دخله.. يعني بفضل الله لن أرى طبيبًا جشعًا يتاجر في المريض كأنه بضاعة، أو يستثمره أو يستثمر فيه من مغالاة في عملية جراحية أو أجر معين أو كشف معين أو مال معين؛ لأنه خلاص إحنا قد أعطيناه ما يكفيه.

أيضًا المردود الآخر هو لما يعمل في هذا الهدوء، وهذه القناعة، وهذا المنطق أرى والله أعلم أن هذا سوف يؤثر في الحالة الصحية العامة لشعوبنا نفسها، فيعني أنا الشعب لما يكون القطاع الطبي مهتم بالعقل السليم في الجسم السليم، تخف الأمراض أو تحاصر، ولا يكون قضية تقارير نظرية، والحالة تمام، والحالة مبشرة بالخير، وليست عندنا أوبئة، ولا أمراض، والكلام هذا يجب أن نكون صادقين؛ لأن هذه شهادة .. إذا غيرنا فهذه شهادة زور، والعياذ بالله رب العالمين أن نقول الحالة تمام، وهي ليست تمامًا، الحالة مطمئنة وهي غير مطمئنة، فلابد أن نكون واضحي المعالم في قضايانا.

أيضًا ليس معنى هذا أن الأطباء أبناءنا عندما يسمعون هذا الكلام يقولون: لما نصل إلى أن الدخل 41 ألف دولار كالطبيب الأمريكي بدل الـ 4 آلاف دولار نسبة 1 : 10 فأنا أخذ عشر هذا الإنسان رغم أني أحصل على نفس المؤهل، وربما أنا أعقل وأذكى إلى آخره، لا يعني هي مقدرات شعوب أولا، ودخول شعوب ثانيًا ثم فيه قضية خطيرة جدًا وهي أن الطبيب المسلم والطبيبة المسلمة، والممرض المسلم والممرضة المسلمة، والقابلة المسلمة، والصيدلاني المسلم الصيدلانية المسلمة.. ترى أن الثواب عند الله أولا وأخيرا؛ لأنه إحنا مهما أعطينا الطبيب من دخل أو من مال والله لا نقدر له أن يحول إنسان يئن، ويتألم، ويتوجع فيأتي فضل الله على يد هذ الطبيب فإذا به إنسان سوي ملئ السمع، والبصر يتحرك.

انظر إلى طبيب الأطفال وهذا من أعظم الأطباء، كيف ينزل الولد مبتسرًا ناقصًا ويُوضع في حضَّانة معينة، (وهذه من ضمن الصدقات التي يجب أن ننميها عند الناس؛ لأنه فيه هناك ناس كثيرين، ومستشفيات كثيرة في دول إسلامية وعربية كثيرة لا تملك، فما على الأغنياء إلا أن يعينوا بالصدقات الجارية مثل هذه الرعايات، فمن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا) فتخيل أنت الطبيب هذا يحول هذا الولد الميئوس عند الكثيرين من شفائه أو علاجه أنه ولد يصل سويًا كاملا مكتملا يخرج إلى الحياة، وربما يصل في المستقبل إلى قائد ناجح أو منهندسًا عظيمًا وعالمًا حريرًا وشاعرا كبيرا ..

فيعني حقيقة الأمر مردود للرعاية الطبية للعاملين في مجال الطب، هذه تأثيرها كبير على استتباب أمن المجتمع؛ لأنه تخيل أنت هناك مجتمعات في أفريقيا عندهم مثلا والعياذ بالله في بعض البلاد في جنوب أفريقيا، وزيمبابوي، وبتسوانا، وغيرها نسب، والعياذ بالله مرض الإيدز لكل أربعة مواطنين فيهم مواطن مريض، أو لكل ثلاثة واحد منهم مريض بمرض فقدان المناعة، والعياذ بالله .. لبعد الناس عن تعاليم وقيم السماء أو لأسباب أخرى .. لكن أنا يعني أقول عند انتشار الوعي الصحي والحالات الصحية، ونحن قوم حميتنا أيضا بإعانة الطب، حتى الأطباء يقولون بأن الإنسان طبيب نفسه، يعني يقولون في الطرفة.. يعني يقول لي زميلي أنا عيني حمراء، فقال له: نعم، قال: فهل هي تؤلمني؟

لا أنت لا تستطيع أن تحدد ألم المتألم، ولكن هو الذي يحدد، فالإنسان أيضا طبيب لنفسه، معناه أنه يعلم ما الذي يضره.

والإنسان إذا أخذ ما يضره فهو إنسان السفاهة قد حلت محل العقلانية.. يعني أنا أعلم أن هذا الأكل ضار بي، والطبيب يقول لي: لا داعي.. فلماذا أخالف أمر الطبيب؟
لماذا عندنا نحن في بلادنا العربية موضوع التخمة، وموضوع البطنة، وموضوع قلة الرياضة وقلة الحركة؟

كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يسابق عائشة، فتسبقه، ويسبقها ويقول هذه بتلك، فهذه الأمور أريد أن أقول الحياء الموجود في غير موضعه ألا نمارس رياضة معينة، وتجد أن مائة ألف يجلسون يشاهدون عشرون لاعب وسبحان الله! أنا أتمنى أن المائة ألف أنفسهم هم الذين يمارسون الرياضة، يعني يتحركون .. ولكن قضية أن نحصر العملية في أنها مسئولية الطبيب أولا وأخيرا.

الأطباء لا يتقون الله، نعم .. فيه أطباء لا يتقون الله كما في كل مهنة.. لكن نحن هل أعنا الطبيب على مهمنته، هل أعنا الممرضة على مهنتها؟

أليست الممرضة هذه زوجة، وأم، وعندها أولاد، وعندها نفقات والطبيب يعنفها، ومدير المستشفى يعنفها، والمريض يسيء معاملتها، ونحن نطالبها كعلماء أن تتقي الله في المرضى، فهذا .. نحن يجب أن نكون منصفين، والإنصاف يقتضي منا أن كما نطالب إنسانًا بأن يأتي بالواجبات التي عليه نعطيه أيضًا شيئًا من حقوقه حتى يستقيم الأمر ..

أبنائي وبناتي من أطباء وطبيبات وممرضين وممرضات وصيادلة وصيدلنيات، أهمس في أذنكم كأب ناصح للمسلمين ولكم ونحن نتحدث عنكم بارك الله فيكم، جعل الله الشفاء على أيديكم، ورقق قلوبكم على المرضى وكبار السن والأطفال وأنتم تدخلون كل البيوت وتذهب البيوت كلها إليكم تكونوا رفقاء بالناس، وما دخل الرفق شيء إلا زانه، وما نُزع الرفق من شيء إلا شانه .

أيضًا ابني الطبيب، أخي الطبيب عندما تعين أو تولي إنسانًا كمعين لك يعينك على قضية المواعيد اختار رجل أو إنسان صاحب خلق .. لا يقطب وجهه في الناس، لا يتعالى على الناس لا يأخذ من تحت الطاولة لكي يقدم حجزا على حجز .. يجب أن نتقي الله، ولنعلم أن الله رقيب علينا جميعًا ..

وفق الله أطبائنا وطبيباتنا، وكل العاملين في المجال الصحي في بلادنا العربية والإسلامية إلى ما يحبه ربنا وتعالى ويرضاه ..

ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .. لا تنسونا من صالح دعاؤكم ..

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.